top of page

ذهن مليء بالألوان!، تعرف على سر قوة الألوان مع عبدالله الخريف


في العدد الأخير من مجلة إسكواير السعودية طرح المبدع عبد الله الخريّف قصته مع عالم الألوان وسحره، كما سلط الضوء على تعاملنا معها، وكيف تحمل الألوان رمزيات عميقة تعكس الكثر من المعاني والقيم، نعرض لكم المقال المنشور في عدد الشتاء من مجلة اسكواير السعودية.


“يحثك عبدالله الخريف على ترك الشعور بالخوف، مع إضفاء بعض الألوان إلى حياتك”


هناك قوة هادئة ومؤثرة تعيش معنا ، تتواجد في كل مكان حولنا وداخل أفكارنا ،

وهي تتفاعل بأناقة مع القوى الأخرى الموجودة في حياتنا لدرجة أنه من المعتاد

ما يتم تجاهلها أو عدم ملاحظتها أو حتى الخوف منها تلك القوة هي اللون.


اللون هو إحدى تلك الأفكار الكبيرة المعقدة المتغيرة التي قد يصعب فهمها. كٌتبت نظريات حول هذا الموضوع، ومع ذلك ما زلت أشعر أن الكثير منا لا يعرف كيفية التعامل مع اللون وتسخير طاقته ضمن حياتنا اليومية. قرأت أن الفرنسيين غالباً ما يستخدمون الفلسفة لحل المشكلات العملية، سأحاول في هذا العمود أن أكون فرنسياً بضع الشيء. أريد أن أفكر بصوت عالٍ حول ما يخص اللون، ودوره في حياتنا، وكيفية فهمه، وكيف يمكننا استخدامه لصالحنا.


لا أريد الخوض في نظرية اللون أو العلم الذي يقف وراءها، ومع ذلك، أريد أن أوضح كيف يمكن أن يكون اللون أداة سهلة لحل المشكلات، وإرسال رسائل قوية، يمحنا صوتًا قوياً، دون الحاجة لقول أي شيء.


خذ كأس العالم في قطر على سبيل المثال؛ إنها بطولة مليئة بالألوان، حيث أن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها تحديد الفرق أثناء مشاهدة المباراة هي من خلال قمصانهم. أو انظر إلى مبادرة الخزامى السعودية، وهي تغيير لون سجاد حفلات الاستقبال الرسمية من الأحمر إلى لون الخزامى البنفسجي عند استقبال قادة العالم وكبار الشخصيات أو ضمن المناسبات الحكومية الرسمية، هذا التغيير يعكس بذكاء قدرة الألوان على إيصال الرسائل؛ أولها أن المملكة العربية السعودية تتغير، إنها ليست مجرد صحراء بل أرض شابة وخلاقة وغنية بالطبيعة والثقافة. استخدام لون أزهار اللافندر التي تنمو في الصحراء بعد موسم الأمطار، وتغيير اللون القاتم للصحراء إلى منظر طبيعي خلاب؛ هي رمزيات تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني العميقة.



الساحل الغربي هو أحد أهم العناصر المؤثرة في تحول المملكة العربية السعودية إلى وجهة سياحية دولية، والذي يتم وصفه وتحديده حرفياً من خلال اللون: البحر الأحمر! بالحديث عن البحار الحمراء والسجاد الأحمر، كنت أتحقق مرتين من تواريخ مهرجان البحر الأحمر السينمائي على موقعهم الإلكتروني حيث ما زلت أنتظر دعوتي؛ ومن المفارقات أن شعار مهرجان البحر الأحمر السينمائي هو الأبيض والأسود، وأعتقد أنها كبوة جواد! لماذا؟ هذا هو بالضبط ما أعنيه من تجاهل الألوان أو إهمالها.


لاحظت في السنوات الماضية احتضاناً متجدداً للألوان في عالم التصميم بدءًا من ليوي إلى بوتيجافينيتا إلى عروض أزياء إيلي صعب و سيينت، لعودة ظهور مدرسة ممفيس لجماليات التصميم، كما يُمكنك رؤيتها أيضًا في الهندسة المعمارية وتصميم المنتجات والتطورات في مواد البناء والتركيبات التفصيلية والتشطيبات والتطوير العقاري ضمن مواد البناء وتفاصيل التركيبات المستخدمة.


على ما يبدو ، أنني أٌجيد التعامل مع الألوان؛ وهو أمر لم أتنبه إليه بنفسي، ولكنه ظهر بشكل طبيعي كشعوري بالجوع!. سواءً كان ذلك في فني أو الديكورات الداخلية التي أصممها أو التطوير الذي أقوم ببنائه أو الزي الذي أصممه، الألوان حاضرة دائماً.


في العام الماضي بدأ موضوع الألوان بإثارة اهتمامي على نطاق واسع، وخاصةً عندما كنت أصمم منزل أحد الأصدقاء. أُعجب هذا الصديق بالديكورات الداخلية في منزلي وبالأماكن الأخرى التي صممتها. ولقد تفاعل مع تلك المساحات لفترة طويلة، ولكن عندما تعلق الأمر بمنزله كان يتخوف من اختيار اللون. وبدأت في تلقي رسائل تحتوي على صور لتصاميم داخلية بسيطة ومحايدة. فاقدة للشخصية. وهو نقيض ما كنت أتوقعه منه. إذاً ما الذي حصل؟


أعتقد أن الكثير من الناس يخلطون بين الألوان والأنماط، فهم ينسون المقياس والسياق والملمس، ولا يدركون أن الوسادة البرتقالية على الكرسي الجانبي لا تجعل الغرفة برتقالية. من ناحية أخرى ، يرتدون بسعادة قميص النصر الأصفر الخاص بهم دون تفكير أو قميص الهلال الأزرق الكهربائي بكل ثقة. حسناً، مع الهلال تعتريك الثقة!


عندما يكون السياق الرياضة أو سيارة أو نشاطًا تجاريًا، فإننا نتبنى الألوان دون وعي ، ولكن عندما يتعلق الأمر بأسلوب الحياة مثل اختيار الأزياء أو داخل منازلنا، فإننا نشعر بالخوف. لماذا؟ اكتفي بتوجيه هذا السؤال للباحثين، ولكن ما أود أن ندركه هو أن اللون قوي؛ تحديداً لنا على وجه الخصوص، حيث تكمل الألوان بشرتنا وثقافتنا وتراثنا المليء بالألوان. أعتقد أن الألوان ضرورية لبث الحياة في الصحراء الفارغة والتضاريس القاسية.


تخفي الألوان العيوب، وتخلق أوهاماً بصرية. بالإضافة إلى قدرتها على جذب الانتباه نحو الشباب والاهتمامات والتطور وغيرها الكثير، وتعد كذلك موضوع شائق للنقاش مع الأصدقاء. الألوان هي الطريقة الأسهل والأقل تكلفة لتحديث المباني أو لتطوير نمط الأزياء لديك، وإذا تركنا لها المساحة الكافية؛ ستفعل المستحيل!.


نظرًا لأنني مؤخرًا كنت في مهرجان نور الرياض، فكلما زرت المزيد من الأماكن، أصبحت أكثر هوسًا بالألوان. كانت حقيبة الهدايا التي حصلت عليها متلألئة بشكل مناسب ومكتملة مكتوب عليها بخط أرجواني غامق «تمسك بأحلامك» واعتبرت هذا إشارة لمشروعي القادم. سأطرح الأسبوع المقبل تصميماً لعميل جديد. وستكون الألوان القزحية هي الموضوع الرئيس للتصميم، وسأحاول تمريرها على أنها محايدة كلمعان أجنحة الحشرات، وحراشف السمك، والطائر الطنان. وهي الوسيلة الأمثل لتهريب بعض الألوان التي تشتد الحاجة إليها. تمنى لي الحظ.

 


bottom of page