top of page

تساؤل للسينما السعودية مع عبدالله الخريّف

في عدد الخريف من مجلة إسكواير السعودية، يوجه كاتب العمود «عبدالله الخريّف» ندءًا للبحر لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، ويطرح تساؤلًا عميقًا للسينما السعودية.


يشهد هذا العدد مرور عامٍ على بداية كتابتي لمجلة إسكواير السعودية، كما يشهد كذلك مرور عامٍ على انتظار دعوتي لحضور مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وعلي الاعتراف؛ كلما طالت مدة الانتظار، تبددت آمالي!



حرصت في كل عددٍ من مجلة إسكواير السعودية على ذكر مهرجان البحر الأحمر السينمائي والتعريج على دعوتي المنتظرة. في عمودي الأخير عن عادات السفر لدى السعوديين ذكرت ذلك أيضًا، إلا أنه حذف لمحدودية الكلمات، ولكن هذه المرة سيكون المهرجان شاغلي الأول والموضوع الرئيس لهذا العمود، راجيًا أن يجذب المنظمين!


أحاول اليوم الغوص في غمار السينما السعودية، ومع تعمقي في البحث (عندما أتحدث عن البحث؛ فأنا أقصد قضاء ساعات على اليوتيوب لمشاهدة المقاطع بقصد الاسترخاء بعد العمل)، لمع في رأسي تساؤل غريب، وقد يبدو اليوم كوميديًا بدرجة كبيرة، وهو «هل الفن رسالة؟» أو بطريقة أخرى، هل يجب على الفن أن يحمل رسالة محددة؟


بدأت القصة عند مشاهدتي لمقابلة قديمة، أذيعت على قناة ART في تسعينيات القرن الماضي ضمن برنامج «ساعة صفاء». كانت المذيعة «صفاء أبو السعود» تحاور النجمة المصرية الشهيرة «نادية الجندي»، والملقبة بنجمة الجماهير، وصرحت نادية آنذاك بذات المفهوم المذكور آنفًا، بأن التمثيل وصناعة الأفلام يحملان رسالة يجب إيصالها للجمهور، والممثل هو المكلف بإيصالها.



سُئِلَتْ الفنانة نادية الجندي عن فيلمها «رغبة متوحشة» المعروض في عام 1991 والمقتبس من المسرحية الإيطالية «crime on goats island, 1960, by Ugo Betti»، حقق الفيلم آنذاك نجاحًا هائلًا، ويعد من أشهر الأفلام المصرية على الإطلاق. وبالصدفة وفي العام نفسه عرَضَت السينما المصرية فيلمًا مقتبسًا من ذات المسرحية الإيطالية تحت عنوان «الراعي و النساء» من بطولة رمز السينما المصرية «سعاد حسني» –وهو فيلمها الأخير- بالإضافة إلى أحمد زكي، والفنانة يسرا. وضم فيلم نادية الجندي «رغبة متوحشة» الفنانة حنان ترك، وسهير المرشدي، ومحمود حميدة. وعندما سُئِلَتْ نادية عن رأيها في العملين المقتبسين من ذات المسرحية أجابت بكل وضوح بأنه لا مجال للموازنة بينهم، مشيرة إلى أن فيلمها حقق إيرادات كبيرة، في حين لم يحقق الآخر نجاحًا يذكر لدى الجمهور.


دفعني الفضول لمشاهدة الفلمين، «الراعي و النساء» و«رغبة متوحشة»، بدأت بفيلم الراعي والنساء لسعاد حسني، ومع بداية الفيلم؛ أسرتني جدية العمل، وذهلت بأداء الممثلين، تحديدًا تلك التعابير الجادة التي تعتلي وجوههم، مثل «سعاد حسني» و«يسرا»، وقدم أحمد زكي كذلك أداءً مذهلًا، وبعد خمس عشرة دقيقة قررت مشاهدة “رغبة متوحشة” وحينها اتضحت لي الصورة، هو فيلم تجاري بحت، يهدف إلى إثارة الجمهور على نحو واضح، ومع ظهور نادية وحنان في الشاشة، يمكنك رؤية الأزياء والتعابير التي تكشف في ثناياها عن فيلم ترفيهي مليء بالإثارة، عدا شخصية «سهير المرشدي» التي قدمت أداءً مذهلًا حجَّمَ الأدوار الأخرى، كانت تغرد خارج السرب. لم أعتقد يومًا أن أرتدي عباءة الناقد للأفلام، لكن رؤيتي كانت واضحة، ولا تشوبها شائبة، لا مجال للموازنة بين العملين كما قالت نادية، وإن اختلفت أسبابنا.


وغني عن القول أنني لم أتمكن من إنهاء فيلم نادية، لأعود فورًا إلى فيلم «الراعي النساء» لسعاد حسني، وهو فيلم فريد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أجواء الفيلم، الأزياء، مواقع التصوير، تعابير الممثلين، العواطف الجيَّاشة، عناصر عدة اجتمعت لتحيك هذه التحفة الفنية، تملكني شعور الدهشة والذهول، حتى قمت بأخذ لقطات للشاشة تظهر تعابير كل من سعاد حسني ويسرا.


كل هذا يتركنا بتساؤلات حاسمة للسينما السعودية، ما هو الاتجاه الذي ستسلكه؟ السينما الجادة أم تلك التجارية؟ ما هو معيار النجاح؟ القيمة الفنية أم مبيعات التذاكر؟ والتساؤل الأخير بالغ الأهمية، هل تعتقد أن موهبتي الجديدة في النقد السينمائي ستساعدني في الحصول على دعوة لمهرجان البحر الأحمر؟


 


bottom of page