top of page

المرأة والفن والقوة

عندما كنت طائرا في سماء العلا بين الجبال المهيبة والصحراء الصامتة، لم يكن يدور في داخلي شيء اهم من ان يلتقط المصور لي صورة شيقة تعكس رشاقة حركاتي البهلوانية. صعب ذلك حاليا حيث إني لم اذهب الى النادي لمدة سنة تقريبا و يداي و ارجلي الطويلة يصعب التحكم بها بين السماء و الارض مع الهواء و محاولة ان تكون تعابير وجهي عاكسة لما احس به من حماس و فرح و سعادة و ايضا رجولة و قدرات رياضية.


ستكون لهذه الصورة استخدامات عدة، قد تكون الصورة الرئيسية التي تعبر عن رحلة زيارة العلا، سأرسلها لمدير الفندق الذي لم أستطع الالتقاء به لكونه في رحلة عمل لكي تكون رسالة مدروسة ومحملة بالمعاني التي اود ايصالها له بدون قولها مثل (شخصيتي مرحة، نشيطة، شبابية، انيق، بالإضافة الى اني نزيل مهم يجب الاهتمام به مستقبلا) جميع هذه المعاني يجب ان تصل بكل سلاسة. هذه الصورة ايضا ستعكس شخصيتي في انستغرام، سأرسلها بالواتساب لمجموعات العائلة والاصدقاء. صورة واحدة محمله بثقل من المسؤوليات والمتطلبات والتوقعات!










كيف وصلت الى هذا العمق والامل في صورة واحدة؟


بالطبع، لأني رأيت الجميع يلتقط هذه الصورة لنفسه في العلا، ولأننا بشر، نود ان نشعر بالانتماء لبعضنا البعض اردت ان ابين انني أيضا ذهبت هناك وهذا الاثبات.


ولكن، كيف أصبحت هذه الصورة بهذه الأهمية، او بالأصح بهذه القوة؟ انها قوه الفكرة، هذه الفكرة هي نتاج الفنانة السعودية منال الضويان.


كيف استطاعت منال الضويان استخدام فنها للتعبير عن فكره؟ في هذا المقال، سأحاول استكشاف قوه المرأة في الفن او قوة الفن عند النساء او القوة الناعمة او كيفما سار بنا المسار.


في البينالي الاسلامي في جدة، كان للمرأة حضور واضح وقوي بكل المعاني، سواء من القائمين عليه او المنسقين او الفنانات وحتى المنظمين والمرشدين. لطالما كان ارتباط وثيق بين الفن او المعاني الفنية والمرأة، انها علاقة تكاد تكون غير موجودة مع الرجل. سواء في الفنون البصرية والأدبية او حتى التعبيرية، ولكن ما يميز ما حدث في البينالي هو القوة الصامتة في ذلك الحدث لدور المرأة فيه. الأستاذة سمية فالي وهي ال curator الرئيسي البينالي أمرأه مسلمة من جنوب افريقيا ذات اصول هندية، غالبا ما تتبنى في اعمالها مقاربة استقصائية ترتكز على العناصر المروية والشعائرية و الجوانب المنسية. معاني عميقة ومهمة جدا تصرخ بها سمية بصمتها ونظراتها الثاقبة وهدوئها الملائكي. قد لا تدرك سمية ان لها قوة هائلة في هدوءها، ولكن اجزم ان الانثى البدائية بداخلها تدرك ذلك واحكمت خبرتها في القوة الصامتة على مر ملايين السنين.









للقوة معاني كثيرة، واشكالها متعددة، ولكن المرأة وحدها لديها كامل عدة القوة، سواءً الجسدية، او الانسانية، او الهادئة، او الناعمة الصاخبة والهامسة.


عندما انقذت شهرزاد نفسها والمملكة من هوس شهريار لم تستخدم القوة الجسدية، لان القوة الجسدية قاصرة. قد تنقذ نفسها فقط، ولو قتلته مثلًا قد يأتي ملك اخر اجن منه ويرد الصاع صاعين على النساء جميعا، ولكن شهرزاد وفطنتها الأنثوية اثرت الطريق الاصعب والمستدام، قوتها كانت في بلاغتها وفن حديثها وحلو مجلسها وهدوء ثقتها.




ما جعل البينالي ناجح و مؤثر بالنسبة لي و لكثير غيري هو قوة الاعمال التي اساسها المشاعر الداخلية الكامنة في الصدور، عمل الفنانة سارة ابراهيم عن الاستسقاء، او الفنانة نورة العيسى عن الاصوات في الحرم المكي، ما اسميته صخب الخشوع (يدعون ربهم خوفا و طمعا)، او فرح البهبهاني في جناح المدينة المنورة و اسماء الله الحسنى ، و بسمة فلمبان بتجسيدها المهيب لطبقات صوت الاذان. والأمثلة أكثر من ان يحصرها مقال رأي. قد اكون اخطأت فهم الاعمال الفنية عن المعنى المقصود، ولكن ذلك لا يهم، المهم انها لمست الروح وحركت مشاعر يصعب للرجل الوصول اليها او ادراكها. في اعتقادي هذه هي القوة الكامنة، او القوة الحقيقية للمرأة.


و ختاما، فقد اثبت الله عز و جل قوة المرأة في قوله عز و جل (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم) قد يكون من الحكمة ادراك ان الكيد ليس عيب في جميع المعاني فقد وصف الله نفسه بهذه الصفة و هو الكامل في كل صفاته بقوله تعالى (انهم يكيدون كيدا و اكيد كيدا) .



وصدق الشاعر الامير خالد الفيصل عندما قال


تهزمني النجلاء وانا ند فرسان وأخفي طعوني والمحبة تبينِ
















 



أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page